كتبت-زينب محسن
اعتاد المصريون استقبال عيد الفطر بـ"صواني" الكعك والبسكويت والبيتفور، وهي عادات قديمة يتوارثها الأجيال ولا يمكن الاستغناء عنها.
ومن أشهر مظاهر الاحتفال بالعيد هو تحضير الكعك بكل أنواعه حيث تتجمع العائلة في الأسبوع الأخير من رمضان ويأتي الأطفال حاملين الصاجات للأفران لتنتشر رائحة الحلويات في أرجاء الشوارع والأزقة.
ويعتقد الكثيرون أن "كعك العيد" بدأ في مصر مع بداية العصر الفاطمي، ولكن الحقيقة التاريخية تؤكد أنه بدأ قبل ذلك بكثير، وتقر بأن الفراعنة هم أول من عرفوا صناعة الكعك؛ حيث كان الخبَّازون في البلاط الفرعوني يجيدون صنعه بأشكال مختلفة؛ اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير.
وكان القدماء يصنعون الكعك بالعسل الأبيض ودقيق القمح والسمن ويرسمون عليه صورة الشمس، ويضعونه في المقابر الفرعونية، فيما كانت زوجات الملوك يقدمنه للكهنة الحارسين للهرم خوفو في يوم تعامد الشمس على حجرة "خوفو".
ولكعك العيد أصول قديمة مرتبطة بموسم بذر البذور، إذ كان يُصنع من الدقيق والسمن مع وضع كميات من العسل على شكل قرص وفي الوسط علامة "حتب".
وكلمة كعك أصلها هيروغليفي وتعني النقوش، ووردت صور مفصلة عن صناعته على جدران مقابر "منف"، و"طيبة"، و"رخمي-رع" من الأسرة الثامنة عشر، توضح طريقة خلط عسل النحل بالسمن ثم صبه على الدقيق حتى تكون عجينة لينة يسهل تشكيلها.
ولم يقتصر الأمر في صناعة كعك قدماء المصريين على الأعياد فقط، بل كان هناك نوعًا مخصصًا لزيارة المقابر ويطلق عليه حاليًا "الرحمة أو الفتوت"، ويشكل على هيئة تميمة ست "عقدة إيزيس"، وهي من التمائم التي تفتح للميت أبواب النعيم.
وفي عهد الدولة الطولونية، صنع القدماء الكعك في قوالب خاصة مكتوب عليها "كل وأشكر"، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر خلال تلك الفترة.
أما في عهد الدولة الإخشيدية، صنع أبو بكر محمد بن علي المادراني، وزير الدولة، كعكًا في أحد الأعياد ووضع داخله دنادير ذهبية، وأطلق عليه حينذاك "كعكة انطونلة".
بينما في عهد الدولة الفاطمية، خصص الخليفة الفاطمي ما يقرب من 20 ألف دينار لصناعة كعك عيد الفطر، وتفرغت المصانع من منتصف شهر رجب لخبزه وملء مخازن السلطان به، الذي قد تولى عملية توزيعه.