عندما تطأ قدميك مدينة الخارجة عاصمة الوادي الجديد، وتتجول بين شوارعها وأحيائها، تظن للوهلة الأولى أن هذه المحافظة لا تشتهر سوى بأشجار النخيل والبلح، لكن على عكس ذلك نجدها تحمل بين طياتها خصوصية تعكس موروثات شعبية تتأصل في سكانه، حيث نجد البيوت المتلاصقة التى تحمل العديد من المعالم المعمارية الإسلامية والتي تم بناؤها بواسطة الطوب اللبن وأخشاب شجر الدوم والنخيل، الذي ينتشر بكثرة في المحافظة لا سيما في منطقة باريس بولاق.
"مصر الناس" تجولت هناك في مكان يجمع بين البساطة والتراث، وهو"السندادية" ذلك المكان القابع على بعد أمتار من منطقة "الشعلة" بالخارجة وهي النموذج الوحيد القائم الذي يحمل معالم التراث المعماري التقليدي لمدينة الخارجة منذ العصر الإسلامي.
معلم معمارى إسلامى مبنى بالطوب اللبن
ترجع تسمية درب السندادية إلى عائلة السندادية وهي أحد أكبر وأقدم العائلات التي استقرت بمدينة الخارجة أثناء العصر الإسلامي، حيث سكنوا فى الطريق الرئيسي ليطلق اسمها بعد ذلك على بقية الدرب، الذي يمتد بطول ما يقرب من نص كيلو مترًا.
واختلف الباحثين حول تحديد تاريخ إنشائه، لكن يُرجح أن بناؤه تم بحقبة العصر العثماني، ليمثل الدرب أهم وأشهر الدروب التى تمثل تاريخ واحة الخارجة قديمًا، فضلًا عن إقامة أقدم العائلات بالمدينة مثل عائلات التراكوة والركابية.
المسطابات أهم ما يميز البيوت في السندادية، حيث كانت الحاجة إليها للتغلب على مشكلة المساحة الصغيرة للدرر وإزدحامها، فكان يتم تغطية الطرق في معظم أجزائها، كما تستغل في توسيع المساكن وزيادة عدد وحداتها، فضلًا عن أنها كانت تعد وسيلة معالجة مناخية جيدة، لتحمي الأشخاص من التعرض المباشر لأشعة الشمس عند انتقالهم بين أجزاء المبنى الواحد أو المباني المختلفة، لأنها توفر مساحات كبيرة من المناطق المظللة، حيث بنيت المنازل من الطوب اللبن وغطيت أسقف المنازل والحارات بجريد النخيل وسعفة وأفلاق الدوم والنخيل وتلك الخامات متوافرة من البيئة، وساعد ذلك التخطيط المعماري الفريد فى جعل درجة الحرارة منخفضة صيفًا ودافئة شتاًء.
البيوت في السندادية
صمم الدرب بشكل مرتفع لحماية سكانه من أى هجوم خارجي، حيث لا يستطيع أى من المتسللين أو الأعداء الدخول بسهولة، ويستطيع أهالي الدرب الدفاع عن أنفسهم ومنازلهم. ورغم هجرة سكان "درب السندادية " بالخارجة القديمة إلى الأحياء الحديثة، إلا أنه ما يزال دربا أثريا شاهدا على تاريخ الخارجة القديمة، والتي حملت الكثير من الحكايات والموروثات والعادات والتقاليد الواحاتية.