في مركز قوص، جنوب قنا، تقع بحوالي 40 كيلو مترًا، حينما تستقل القطار من المدينة متجهًا إلى قوص، فلا تلبث أن تستغرق رحلتك 30 دقيقة فقط، أما إذا أردت أن تركب سيارة مارًا بالقرى الواقعة على أطراف المدينة فإن الوقت سيزيد 15 دقيقة أخرى، لتجد نفسك في قلب المدينة، خلفك مُجمع السيارات المتجهة لباقي أطراف المدينة، وأمامك معصرة يونس، الشهيرة ببيع الزيوت الطبيعية.
كان لـ"مصر الناس" جولة داخل المعصرة؛ لنعرف كيف حافظت على بقاءها حتى الآن.
قال الحاج محمد يونس، الوريث الأخير للمعصرة، سبعيني: "إن المعصرة متوارثة منذ 200 عام، كما كان يوجد في المدينة حوالي 13 معصرة أخرى، لكنهم اختفوا تدريجيًا وبقيت منهم معصرة يونس للزيوت الطبيعية، وذلك يرجع إلى ظهور المصانع بديلً لتلك المَعَاصر، لكننا استمرينا في البقاء حفاظاً على إرثنا ولأنه لازال هناك من يهتمون باقتناء الزيوت الطبيعية".
وتابع: "كان يتحدد نوع إنتاج الزيوت بحسب المنطقة الواقعة فيها المعصرة، فالمناطق الشمالية كانت تنتج الزيت الحار، المستخرج من نبات الكتان، أمّا المناطق الشرقية فكانت تنتج زيت الزيتون لتوفره فيها، والمناطق الجنوبية ـ مثل معاصر قوص ـ كانت تعتمد على إنتاج زيوت الطعام، أو الزيت البارد مثل زيت الخس، وزيت السمسم بجانب زيت الزيتون، والكتان".
وحكى أن المعصرة تحتوي على أداة قديمة جدًا، يتم إنتاج الزيوت بواسطتها، وهي "الصحن" يصل ارتفاعه مترًا، وقطره حوالي مترين، به حجرًا من الجرانيت بشكل رأسي يشبه عجلة القيادة، يعلو هذا الحجر عدد من قطع الأخشاب المتدلية من أعلى إلى أسفل، لكي يتم ربط هذه الأخشاب بـ"البقرة"، والتي بدورها تدور حول الصحن، لتقوم بطحن البذور عن طريق تحريك الحجر حول البذور الموضوعة في الصحن.
وأكمل: "تستمر عملية الطحن لساعتين، وتختلف المدة تبعًا لنوع النبات، حتى تصبح البذور عجينة جاهزة لمرحلة العصر، ومن ثم وضع العجينة في عبوات خاصة تحت المكبس، وتظل العبوة يوم أو أكثر حتى تتخلص من بقايا العجين، ويصبح الزيت جاهزًا للاستخدام، فهي صناعة عن طريق العصر اليدوي على البارد، بدون معاملات حرارية أو كيميائية".
وعن أهم الزيوت، أوضح: "تعتمد بشكل أساسي على إنتاج زيت حبة البركة لاستخدامه كعلاج، ثم زيت الزيتون، ثم باقي الزيوت وذلك حسب نسبة الاستهلاك، ووضعها الاقتصادي الآن ليس أفضل مما مضى، مما دفع أصحابها إلى تطوير نشاطهم عن طريق بيع منتجات أخرى لها علاقة بالأعشاب مثل الزيوت المصنعة، كزيت الطعام، وزيوت الشعر، والبشرة، والحناء، والبخور، والعطور المستوردة".