كتبت: جهاد الصياد – إكرام كمال – يسرا الذهبى (نتاج ورشة تدريبية)
أهلا بك في المكان الساحر، مع خُطوتك الأولى إليه، استعدّ للمرور بتجربة مختلفة، تجمع فيها بين الماضي والحاضر.
إنه جروبي عبد الخالق ثروت، مقهى الباشوات والحكام، ومصدر إلهام الفنانين والمبدعين.
أنت الآن وسط شارع صاخب، حيث البنوك بطرازها الحديث، والبيوت العصرية على الجانبين، ووسط كل ذلك، تجد مبنى قديما، ظهر للوجود عام 1909، لعلك رأيته كثيرا في الأفلام القديمة، أو سمعت اسمه يتردد حولك.
سوف نفتح الباب الآن لتستقبلنا الموسيقى الهادئة ورائحة الحلوى وابتسامة عم أمين التي لم تفارقه منذ 48 عاما.
ورغم اتّساع المكان، فهو لا يحتوي إلا على أثاث قليل، يُذكّرك بأصله العريق، وفي الوقت نفسه، يُشير إلى التغيّر الذي جرى عليه بفعل الزمن.
المقهى عمره أكثر من مئة عام، أنشأه الحلواني السويسري "جياكومو جروبي" سنة 1909 بعد قدومه إلى مصر.
حديقة جروبي كانت من الأشياء التي طالتها يد التغيير أيضا، وإن كانت لا تزال تحافظ على مساحتها، وطريقة توزيعها، بالقِطع الصغيرة من الزلط المتناثرة، تحيط بها حشائش متفرقة.
في بداية افتتاحه، كان جميع رواده من الباشوات والحكّام، قبل أن ترتاده باقي الفئات بعدها، ويستمر هذا للآن.
من أقدم العاملين بالمقهى، عم أمين، الذي يعمل فيه منذ طفولته، وعندما يتحدث عنه، تلمع عيناه، ويبدو كأنّه يتحدّث عن حبيب لا مكان، قال بابتسامة: "حصلت لي هنا كل حاجة حلوة، وقابلت فنانين كتير قوي، كانوا بياخدوني بالحضن لما يشوفوني".
وقال أحمد علام، مدير الفرع: "المكان ما غيّرش سياسته، وطرازه العام، منذ إنشائه، وإحنا حريصين دايما على صيانته باستمرار".
وتابع: "شروطنا صارمة لاختيار طاقم العمل".
للمقهى ثلاثة فروع أخرى، أحدها جروبي طلعت حرب، الذي بُني بعد فرع عبد الخالق ثروت، ثم "الأمريكين" بشارع 26 يوليو، الذي بني خلال الحرب العالمية الثانية، كمحلّ للوجبات السريعة، قليلة الثمن، وتلاهما جروبى مصر الجديدة عام 1956.
عم أمين، قال في ختام حديثنا، إن جروبي، مهما تغيّر، فإنه يظلّ روح مصر.