منذ نشأة البشرية أبدى الإنسان اهتمامًا شديدًا بتوثيق أبرز لحظات حياته، بدءًا من الحفر على جدران الكهوف إلى نحت التماثيل والرسم المتقن حتى تطور الأمر إلى ما هو عليه في العصر الحديث من استعمال الهواتف الذكية لالتقاط السلفي المبهجة، واستخدام كاميرات محترفة في تصوير الحروب والمظاهرات، بالإضافة إلى الترفيه مثل السينما وبرامج التلفاز، فتُرى كيف كانت بداية التصوير في عالمنا؟
عالم البصريات المسلم
وُلد الحسن ابن الهيثم، عام 965م في البصرة، وحرص منذ صغره على دراسة كافة العلوم من فلك وفيزياء ورياضيات وفلسفة، وأّلَف على مدار حياته كتب كثيرة أشهرها كتاب "المناظر" عن الضوء والبصريات، كما تمكن من حل العديد من المعادلات العلمية وتأليف نظريات كثيرة.
وفي القرن الحادي عشر، طلب الملك الفاطمي الحاكم بأمر الله، من ابن الهيثم، القدوم إلى مصر لما سمع عن علمه لمساعدته في بعض المشروعات المتعلقة بنهر النيل، فوافق على العمل في مصر فترة من الزمن حتى نشبت الخلافات بينه والحاكم بأمر الله، على إثرها أمر بسجن العالم الكبير.
السجن مصدرًا للإلهام والابتكار
كثيرًا ما يسمع الناس عن علماء ألفوا أبرز أعمالهم داخل الزنازين وكذلك الكثير من الأدباء، وهكذا كان الِحال مع ابن الهيثم.
ففي أحد الأيام، لاحظ ابن الهيثم مرور الضوء من ثقب في جدار الزنزانة ليسقط على الجدار المقابل ويرسم صورة مقلوبة غير حادة الملامح لشجرة خارج الزنزانة، دَّون ما رآه وبعد خروجه من السجن، عقب وفاة الحاكم، بدأ بتصميم مجسمًا بنفس قياسات زنزانته ونفس الثقب وأطلق عليه اسم "الغرفة المظلمة" وهو المصطلح الذي ترجم فيما بعد إلى اللاتينية بـ"Camera Obscura".
القُمرة
شرح ابن الهيثم هذا الابتكار في كتابه الشهير "المناظر"، ولم يتوقف اكتشافه عند هذا الحد فقد حاول العديد من العلماء فيما بعد تطوير نظامًا للتصوير حتى نجح ذلك في القرن التاسع عشر، على يد العالم الألماني لويس داجير، ليصبح التصوير جزءًا مهمًا في حياة كل منا.