كتبت-زينب محسن
أثناء نقاشي مع مجموعة من الزملاء عن قضايا ونماذج للعنف ضد المرأة، سمعت قصة لأسرة عاشت لسنوات عديدة مع بعضها البعض حتى جاء وقت الانفصال فطلبت الأم الطلاق وبعد انتهاء الموضوع فوجئت بسحب طليقها لأوراق ابنهما من المدرسة بدافع الانتقام من طليقته.
شغل تفكيري وقتها في ماذا كان يفكر الأب حينها؟ ألم يصل به التفكير فى كونه السبب فى ضياع سنة دراسية أو سنوات من عمر ابنه؟ ألم يفكر في الأثر النفسي الواقع على طفله جراء ذلك؟ ألم يفكر أنه بذلك يخلق كراهية داخل طفله تجاهه وربما للأم أيضًا؟ لا بل اقتصر تفكيره وتوقف عند كيفية إيجاد وسيلة للانتقام من الأم التى ربما تكون طلبت الطلاق لأسباب ليست بسيطة وإلا لم تكن تتحمل سنوات وسنوات للبقاء من أجل أولادها.
جاءت هذه القصة بالتزامن مع فترة مناهضة العنف ضد المرأة التي تهتم بها كل منظمات المجتمع المدني، وهنا تساءلت هل العنف ضد المرأة يحتاج إلى يوم عالمي يذكرنا بتلك الكارثة التي تغلغلت إلى مجتمعنا؟ والتي نمت حتى أصبحت شيء أقل من العادي بالنسبة للرجل، بل اعتبرها أحد حقوقه التي يعبر بها عن كونه ذكر، غير مدرك أنها أصبحت بالنسبة للسيدات كلمة في بطاقة فقط بينما الرجولة أصبحت يمكن أن تُقال للجنسين الآن وإلا ما كانت أي فتاة تقوم بعمل بطولي يطلق عليها (بنت بـ100 راجل)، هذا ليس معناه أنني متفقة مع اللقب وذلك لكونه ذكوري أيضًا وأعتقد عندما أدرك المجتمع ذلك تم تغييره إلى "Strong Independent Woman".
فبعض الرجال يعتقدون أن المرأة مع ضعف بنيتها الجسدية وعاطفتها تستسلم لهمجيتهم في التعامل، وتتعامل مع تقليله من شأنها بشكل سلبي فيظل منتظرًا منها التضحية من أجل الحفاظ على البيت أو التحمل نظرًا لحاجتها لمصروف الشهر وتسامحها في أي خطأ يرتكبه واعتباره "نزوة وتعدي"، لكن مع اختلاف الزمن وانعدام الثقة أصبحت المرأة قادرة على الاستغناء بكل بساطة عن أي شيء يقيدها، قادرة على تحطيم كل القيود من زوج، أخ، ظروف مجتمعية لتحقق قصة نجاح في حياتها العملية والأسرية.
وعلى الجانب الآخر، إذا عدنا بالتفكير للماضي نجد أن الأمهات أنشأن رجال بمعنى الكلمة تربوا على تحمل المسئولية كاملة، على تقدير المرأة واحترامها وبالطبع عاونها فى ذلك الأب حتى عند الانفصال يظل كل طرف محتفظ بمسئوليته، أما الآن مع تفكك الأسر وإلقاء العبء بأكمله على الأم لتربية الأولاد مع تدميرها نفسيًا وضغط المجتمع ينشأ جيل عديم المسئولية يرى في المعاكسة "شطارة" خصوصًا عند استعماله ألفاظ غريبة أمام زملاءه، يرى في التحرش لذة، في ضرب النساء وهدر حقوقهن حق له، يرى في التدخين رجولة، ليقال في النهاية الأم هي السبب؛ السبب في الطلاق، التحرش، الاغتصاب، وربما السبب إحداث ثقب الأوزون لنستقبل نحن الأجيال الجديدة أشباه رجال.
فعلى الرغم من تكريم الدين للمرأة إلا أن المجتمع ما زال يظلمها حيث حصرها فى حيز الجسد وجعلها وسيلة للمتعة فقط ومازالت هي تحارب في معركة ليس لها نهاية، فقد وصلنا إلى حال انعدمت فيه الرجولة وفقدت فيه المرأة احترامها، ومجتمع يلقي العبء على طرف واحد ألا وهو المرأة، وقانون ما زال أعرج في إعطائها حقها، فهل لنا من منقذ؟!
يأتي هذا المقال في إطار الاحتفال بحملة 16 يوم من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي وهي حملة عالمية أطلقتها منظمة الأمم المتحدة 1991 والتي تهدف إلى مناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة حيث تبدأ الحملة يوم 25 نوفمبر وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة حتى يوم 10 ديسمبر الموافق اليوم العالمي لحقوق الانسان.