على مدار أكثر من ساعتين وفي فيلم واحد ، اجتمع نجوم مصر على حب مدينة بورسعيد، إنه الفيلم الذي يحمل اسم "بورسعيد المدينة الباسلة".
ثلاثة دول على مدينة
في عام 1956 اتخذ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارًا بتأميم قناة السويس، هذا القرار الذي جاء بعد رفض البنك الدولي منح قرض لمصر لتتمكن من بناء السد العالي، فرأى عبد الناصر أن تأميم القناة والحصول على العائد المادي منها هو الذي سيمكن مصر من بناء السد، بدأ بعدها الضغط الدبلوماسي على مصر للتراجع عن القرار وعندما قوبل ذلك بالرفض اتخذت إنجلترا وفرنسا وإسرائيل القرار بشن الحرب على مصر من خلال مدينة بورسعيد لوجود المبنى الإداري للقناة بالمدينة.
"بكفاح عنيد وبطوب وشوم كسرنا شوكة أعادينا"
لعب الفن دورًا كبيرًا في تجسيد بطولة بورسعيد وخاصة أهالي حي العرب من أصغر طفل حتى أكبر عجوز، نساءً كُن أو رجالاً، وإيمانًا بدور الفن في تاريخ الشعوب فقد جسد فيلم بورسعيد (المدينة الباسلة) كفاح المدينة، فقد أنتجه فريد شوقي بطلب مباشر من جمال عبد الناصر لاستخدام الفيلم كوسيلة توضح مدى إجرام العدوان على بورسعيد وكيف تمكن أهلها البسطاء من مواجهته والصمود لإجباره على الرحيل.
بدأ العدوان على بورسعيد في 30 أكتوبر 1956، حيث بدأ هذا الهجوم بضرب بورسعيد بالطائرات بالإضافة إلى الهجوم البحري تمهيدًا للنزول الجوي بالمظلات، ورغم شراسة هذا الهجوم على بورسعيد إلا أن صمود أهلها والمقاومة الشعبية أبهرت العالم ودفعته لممارسة الضغط الدولي على دول العدوان لإجبارها على الانسحاب من بورسعيد، وبالفعل انسحب المعتدون بتاريخ 22 ديسمبر، وتسلمت القوات المصرية المدينة في 23 ديسمبر 1956 ليصبح ذلك اليوم عيدًا للنصر، وعيدًا قوميًا لبورسعيد يخلد ذكرى صمودها.
الفن يوثق التاريخ
أما عن الفيلم فقد تم إنتاجه في عام 1957 وهو فيلم لعز الدين ذو الفقار، ومن بطولة فريد شوقي وأحمد مظهر ورشدي أباظة، وليلى فوزي، وشكري سرحان، وهدى سلطان وتوفيق الدقن، وأمينة رزق، وحسين رياض وغيرهم من النجوم، الذين جسدوا قصة الكفاح بكل صدق وإيمان،وتم تجسيد مشاركة النساء والأطفال في المقاومة ووضح الفيلم كيف دُكت البيوت دكًا وفقد الأهالي ذويهم وكيف استشهد الأبرياء جراء القصف الوحشي، وفي النهاية كيف انتصرالشعب عندما اتحد وقاوم المحتل الغادر
وبالرغم من صغر مساحة بور سعيد إلا أن شهرتها امتدت بعد هذا النصر وتلك المقاومة، وبالفعل اتخذتها العديد من الدول خاصة المعادية لبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، كنموذج للبطولة فأُطلق اسم بورسعيد على العديد من الشوارع في دول العالم مثل روسيا، بالإضافة إلى وجود شارع يحمل اسم المحافظة في كل مدينة من المدن المصرية كما أمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بالإضافة إلى ذلك هناك الأغنيات التي سجلت تلك الحرب مثل أغنية (زي النهاردة) من تراث السمسمية، وأغنية (يا مسافر بورسعيد) لشادية .
سجل فريد شوقي إهداءًا للفيلم نشرته جميع الصحف وقتها يقول فيه:
"إن اللحظات التاريخية التي اجتازها شعب مصر خلال العدوان الثلاثي الغاشم أثبتت للعالم أننا شعب مجيد، قاوم بربرية المستعمرين ببسالة، وسطر في التاريخ بنصره أروع مواقف البطولة وهو يكافح من أجل القيم الإنسانية والحضارة والمستقبل، ومن أجل أن يسود السلام والحرية والطمأنينة والخير.
إن فيلم بورسعيد سيقول للعالم الحر المؤمن بحق الإنسان في أن يعيش في سلام، بأنه رغم ما ارتكبته قوات الاستعمار الغاشم في المدينة الباسلة بورسعيد، إلا أنها عاشت لتعلن العالم أن الحرية ستنتصر في النهاية. إننا نؤمن اليوم بأن الفن رسالة ضخمة في الطريق الذي تسعى إليه البشرية من أجل إقرار السلام والحب والطمأنينة والخير، ولهذا جندنا كل قوانا ومواهبنا لتحقيق هذا الهدف السامي.
وأخيرا أرجو أن أكون قد أديت بهذا الفيلم بعض ما ينبغي أن اقوم به كمواطن مصري يؤمن بالحرية وحق الشعوب في أن تعيش حرة كريمة آمنة".