بموعد أسبوعي، نساء يطفن حول مقابر "طواقي فرعون"، المكونة من 4 أعين أثرية منحوتة في باطن جبل نقادة، بقنا، حيث يضعن عدد محدد من حبات الرمل في ماء، ليغسلن وجوههن وأرجلهن، لتحقيق رغبات حياتهن، ويقمن بالدوران حول الطواقي 7 مرات، تلك هي أبرز أشكال الاعتقاد الشعبي عند أغلب النساء في قنا.
استخدمها الفراعنة قديمًا في دفن موتاهم، لكن هذه الطواقي التي استمرت لآلاف السنين في أمان بعيدة عن أعين اللصوص، أهدر حرمتها تجار الآثار وجردوها من كل غال ونفيس، ولم يتبق منها إلا حوائط وسراديب مظلمة.
تلجأ النساء في الصعيد إلى حيل تسمى "طق المشاهرة "؛ للشفاء من علة، أو مرض، أو تحقيق أمنية، ودائمًا ما تكون المعابد والأماكن الاثرية المكان الأنسب لعمل الطقوس، اعتقادًا منهن بأن يكون لها مفعول السحر في حدوث الحمل للكثير من السيدات الباحثات عن أمل الإنجاب.
فقد كانت المنطقة المحيطة بطواقي فرعون -على حسب كتب التاريخ- تسمى "البيت الذهبي" الذي هو مصنع النحاتين، حيث يقام طقس فتح الفم والعينين والأذنين. كان الكاهن يرتدي جلد الفهد المُميز له فكان يبدأ الطقس بتطهير تمثال المتوفي ويضعه على قاعدة من الرمل موجهًا وجهه نحو الجنوب، ثم يقوم بطقس فتح الفم والعينين والأذنين، وذلك بلمس وجه الميت بآلات مختلفة يردد فيها ويتبع بعد ذلك بعض الطقوس لكي يستعيد الميت قدرته على تسلم الطعام الذي يقدم له يوميًا في العالم الأخر.
أما الآن فهي عبارة عن قطع من الطوب والحجارة والفخار الأثري المفتتة إلى جزئيات صغيرة تكاد لا تفرق بينها وبين حبات الحصا والرمال، وحفر مختلفة الأشكال يقوم الأهالي بحفرها للحصول على مادة الطمي السمراء أو "السباخ" كما يسميه المزارعين بقرى نقادة.
يقول محمد حامد، مدير عام الآثار المصرية بمحافظة قنا، إن في عهد الأسرة السابعة عشر قام الملك (سخم رع) بتكريس لوحة عثر عليها في نقادة للإلهين "ست" و"حتحور" آلهة الحب والفرح والأمومة وحامية إقليم دندرة، وهذه اللوحة تدفع لاعتقاد بأنه ربما كان هناك اتحاد بين مقاطعي نوبت ودندرة وكان يفصل بين المقاطعتين جدار ضخم عثر عليه عند قرية الدير الشرقي، وفسر "كويبل" وجود هذا الجدار بأنه ربما كانت هناك احتكاكات بين المقاطعتين قديمًا، وفي عصور الأسرات الفرعونية لم تذكر المصادر التاريخية منطقة نوبت ومن المرجح أنها لم تذكر نظرًا لعبادتها للإله ست، حتى أنه كانت المقاطعات التي تعبد هذا الإله تسقط من قائمة المقاطعات، غير أنه في الدولة القديمة قد اندمجت مقاطعات الصعيد من قفط حتى الحدود الجنوبية وكونت اقليم (نخبت) الكاب حاليًا، وقد كانت المقاطعات تُنشأ لأسباب إدارية .
ويضيف جلال ممدوح، 46 عام، أحد أهالي قرية نقادة، ويعمل مسئول اتصال جمعية كوم بلال: "جهات أجنبية كثيرة جاءت إلى هنا، لكنها لم تُسجِل أو تُدوِن أي شيء مفيد للمنطقة، وما نعلمه عن هذه المنطقة هي أنها تابعة لحضارة نقادة "اقليم أمبوس" الممتدة لـ 1400 عام قبل الميلاد، وكانت حضارة مختلفة بعض الشيء عن معظم العصور الفرعونية، وتختلف هذه المنطقة عن غيرها بأن مقابرها مستطيلة ويتم التكفين فيها بالحصر والكتان، مطالبًا بإعادة ترميم المنطقة، لأن ذلك سوف يساهم في وضع نقادة على الخريطة السياحية وبالتالي توفير فرص عمل للكثير من شباب نقاده، كما نأمل من الآثار أن تهتم بهذه المنطقة وتكشف غموض المنطقة الهامة، وإيجاد حل للمياه المتسربة من الزراعات للمنطقة الأثرية.