في عائلة موسيقية تتكون من أب يُدرِس الموسيقى، وأخت مطربة وأم لا يشغلها في حياتها سوى تحفيزهم، جاءت إيناس عبد الدايم لترى الدنيا بعيونٍ وآذانٍ موسيقية منذ نعومة أظافرها، علمّها والدها البيانو هي وأختها منذ نشأتهم في بيتهم القاطن بحي جاردن سيتي بالقاهرة، ولكن القدر أخذهم لمصيرٍ آخر غير ما خطط له الوالد.
بعد حبها للبيانو الذي تعلمته واتقنته وهي ابنة الخامسة، دخلت “الكونسرفتوار” في القاهرة، لتختار لها تلك المدرسة الموسيقية آلة أخرى غير البيانو، ومن حينها دخلت آلة الفلوت لحياة إيناس، وآلة الفلوت لمن لا يعرفها هي آلة من آلات النفخ الموسيقية الغربية، تشبه إلى حدٍ كبير الناي الشرقي.
ومنذ أن دخلت هذه الآلة حياة الموسيقية الصغيرة، كبرا معا، وأصبحت هي رفيقة كفاحها ونجاحاتها، فقد حصلت على الماجستير والدكتوراه في آلة الفلوت بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من المدرسة العليا للموسيقى بباريس، وفي عام 1984 حصلت على الدبلوم العالي للتدريس في نفس الآلة، وبعد ذلك بعامٍ واحد حصلت على الدبلوم العالي في الأداء، ثم في 1986حصلت على الدبلوم العالي لموسيقى الحجرة مع إشادات من لجنة التحكيم، ولم تتوقف مسيرتها العلمية فحصلت أيضا على الدبلوم العالي للعزف المنفرد في موسيقى الحجرة 1988، والدبلوم العالي للعزف المنفرد في آلة الفلوت 1989.
وتقلدت العديد من المناصب، منها عمادة معهد كونسرفاتوار القاهرة سنة 2004، وإدارة أوركسترا القاهرة السيمفوني 2003، ورئاسة قسم آلات النفخ والنقر بمعهد كونسرفاتوار القاهرة، وتقلدت أيضا رئاسة هيئة المركز الثقافي القومي التابع لدار الأوبرا المصرية، وذلك قبل أن تكون هي رئيسة دار الأوبرا المصرية.
وبالإضافة لهذه المناصب التي تقلدتها عن جدارة علمية وكفاءة إدارية شهد بها العديد من المثقفين المصريين والعالميين الذين تعاملوا معها عن كثب، فازت أيضا مؤخرا بمنصب رئيسة المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية، وهي بذلك تعد سادس شخص يأتي على رأس المجمع منذ تأسيسه في عام 1971، وتكللت مسيرتها الثقافية الحافلة بحلفانها اليمين مع بدايات 2018 كأول وزيرة للثقافة المصرية منذ نشأة الوزارة عام 1958، والتي سيطر عليها الذكور لستين عاما كاملة.
كما حصلت الدكتورة إيناس عبد الدايم على العديد من الجوائز على الصعيدين المحلي والعالمي، ففي مصر حصلت على جائزة الدولة التشجيعية للفنون ،وجائزة أحسن عازفة، وعلى الصعيد العالمي، فقد كرمتها دولة كوريا الجنوبية بمهرجان "كوريا الجنوبية للفنون"، وحصلت على جائزة الإبداع بالإضافة إلى المركز الأول لاتحاد المعاهد الموسيقية في فرنسا، وشهادة تقدير من مهرجان كوبي الدولي لآلة الفلوت.
أما عن حياتها الأسرية، فللوزيرة الدكتورة ابن وابنة، "فيروز وشادي" وهي دائمة الذكر لهم عندما تُغدِق مشاعرها على العاملين معها مشبهةً إياهم بأولادها، أما عن زوجها "مدحت" فهي دوما ما تصفه بالداعم لها والسند في حياتها، لاسيما بعد وفاة والدتها التي كانت ترافقها رحلة الكفاح منذ الصغر، فهي تعيش في أسرة صغير يملأها الحب والفكر والثقافة، وتتعامل مع من يعملون معها من هذا المنظور أيضا.
وينتظر مجتمع المثقفين المصريين الكثير من إيناس عبد الدايم، فهي وزيرة من داخل القطاع الثقافي، ما دفع الكاتب والناقد الدكتور أحمد مجاهد، الرئيس السابق للهيئة المصرية العامة للكتاب يقول عنها "لا أحد يستطيع أن يقول لإيناس عبد الدايم ماذا ستفعل، فهي من داخل الوزارة وشايفة وعارفة كل حاجة" فليبدأ إذن مشوار جديد لامرأة مصرية في مجالٍ جديد لم تدخله من قبل، لتثبت أنها قادرة على أن تكون حاضرة وبقوة كما تفعل دومًا.