كتب-خالد عبد السلام
حدث لتصميمات عبواتها مثلما حدث ويحدث مع الذين يستهلكونها، وانتهت إعلاناتها كما تنهي هي حياة من تسوء حالاتهم بسببها، فتحولت صورة البطل الرياضي والشاب "الجان" والسيدة الراقية إلى رئتين تكتسيان بالرماد ووجوه مشوهة وعبارات تحذيرية من الخطر، وانقطعت إعلاناتها عن الشاشات واللوحات التي كانت تسور الملاعب وتصطف على جنبات الطرق.
روجوا لها قديمًا بصور لبطل رياضي، وأخرى لفتى وسيم يمسك بسيجارة ويطلق الدخان من فمه، وأخرى لفنانات وفنانين من المشاهير، وأخرى وأخرى، حتى حظرت إعلاناتها منظمة الصحة العالمية، وحظرتها مصر بقرار من وزارة الإعلام بتاريخ 24 إبريل 2001 من الظهور على شاشات التليفزيون المصري.
"احترس.. التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة".. عبارة أصبحت ملازمة لعبوات السجائر بنصوص مختلفة تؤدي إلى نفس المعنى، مصاحبة لصور مفزعة للعين، فرئة رمادية ووجه مشوه وأسنان مدمرة ورسوم تحذيرية أضحت متصدرة لأي "علبة"، وذلك بعدما كانت قديمًا تتزين بعبارات الترويج المادحة لجودة المكونات، واستعراض لقوة "النيكوتين".
يبدو الأمر كأن هذه الشركات التي تصنع المرض والموت تدفع ضرائبها على أغلفة عبواتها، ليتبدل البطل الرياضي بوجه منقسم بين الشباب والشيخوخة، وتتحول سيدة المجتمع الراقية إلى بطن بداخلها شبح، ويتحول الترويج إلى تحذير.
اخترعها الفرنسيون سنة 1840 بعد ما كان يقتصر التبغ على المضغ منذ بداية القرن السابع عشر، ودخلت مصر عن طريق الباشوات والأمراء الذين اقتصرت عليهم لفترة، ليقلدهم عدد من العامة في محاولة للظهور بشكل يحمل من فخامة الطبقة الراقية، حتى انتشرت على المشاع مع بداية القرن الـ20 حينما بدأت بعض الشركات المصرية تصنيعها.
المصانع المصرية أسس الأرمن منها 20 مصنعًا متوزعة على القاهرة والإسكندرية والدقهلية والشرقية، وطورها الإنجليز بعد ذلك، فأصبحت عادة ينتهجها عامة الشعب ظنًا منهم أنها تعطي رونقًا وأناقة.
مع مشاهدة مباريات كرة القدم القديمة على شاشات التلفاز يلفت الانتباه إعلانات السجائر على جنبات الملاعب، وهو الذي اختفى في القرن الـ21 بعد عدة قرارات دولية قادتها منظمة الصحة العالمية لبتر الترويج لهذا السرطان الذي تخطى رواده نصف سكان الأرض.