منذ أيام تردد اسم الباحثة سارة صابر، وزميلها هشام سلام، وفريق الفتيات التابع لجامعة المنصورة جنبًا إلى جنب في الصحف والقنوات المصرية والأجنبية، كمكتشفي هيكل ديناصور يعود للعصر الطباشيري أي إلى 80 مليون عام.
هذا الاكتشاف يؤكد قدرة النساء على منافسة الرجال في جميع الأعمال والمهن، مهما كانت صعوبتها أو الخلفية الثقافية لهن، وهو ما كانت الباحثة الصعيدية سارة صابر، ابنة أسيوط، خير مثال عليه.
اعتادت سارة السفر إلى المعسكرات العلمية التي كانت تقيمها كليتها لدراسة الصخور وتكويناتها، فالجيولوجيا كانت شغفها الوحيد منذ زمن طويل، حبها للصخور والرمال لذلك جعلها تلتحق بكلية العلوم جامعة أسيوط، وتتخصص في علم الجيولوجيا، الذي يراه البعض حكرًا على الرجال؛ لصعوبة البقاء في الصحراء لأوقات طويلة للدراسة والاستكشاف، لكن المرأة حينما تؤمن بحلم ما فإنها تحققه وتتفوق فيه أيضًا.
سناء السيد مع المنصوراصوراس في جامعة المنصورة
وظهر تفوق سارة صابر خلال دراستها، فبعد حصولها على المركز الأول على دفعتها، عُينت معيدة بجامعة أسيوط في 2012، وفي دراستها العليا اختارت تخصص الحفريات الفقارية الذي يتهرب منه الدارسين لأسباب عدة، لعدم توافره في جامعات الصعيد، لذلك كان لزامًا عليها التعاون مع زملائها المتخصصين في جامعة المنصورة.
وفي ديسمبر 2013، لعب القدر دورًا هامًا في حياة الباحثة وزملائها من جامعة المنصورة، عندما توجهت سارة برفقة زميلها الدكتور هشام سلام، مدير مركز الحفريات بجامعة المنصورة، والدكتورة إيمان الدودي إلى جامعة جنوب الوادي لإلقاء محاضرة في ندوة علمية.
قالت سارة: "بعد ما انتهينا من المحاضرة وعزمنا على الرحيل ووضعنا الحقائب في السيارة اقترح الدكتور هشام، أن نتفقد بعض المناطق بسرعة قبل رحيلنا، وبعد وقت قليل وجدت بعض العظام الصغيرة المتناثرة وعند فحصتها وجدوها عظام سلاحف، وفي منطقة تنيدة بالواحات الداخلة وجدت مكان منخفض قليلًا عن سطح الأرض يسمى المدق".
وتابعت: "في ذلك المدق وجدت الكثير من العظام واتصلت على الفور بزملائي وشعرت أنهم في طريقهم لاكتشاف ما، حينما وصل الدكتور هشام الذي كان يبعد عني مسافة قدرها كيلو متر تقريبًا، أكد لي أن هذه عظام ديناصور وأن ذلك الاكتشاف كان يبحث عنه منذ 2010".
استخراج أول عظمة من عظام الديناصور "منصوراصوراس"
بعد ثلاثة أشهر، هذه الواقعة، عادت الباحثة مع فريق من الباحثات من جامعة المنصورة، بعد أن وفرت لهم الجامعة المعدات اللازمة لاستخراج الديناصور الذي كان له عنق طويل وأربعة أرجل ودراسته، وتبين أنه ينتمي إلى فصيلة آكلي العشب ويعود للعصر الطباشيري أي إلى 80 مليون سنة.
يعد ذلك الديناصور، من أكبر الحيوانات البرية التي عاشت على الأرض حيث يبلغ طوله عشرة أمتار، ويقدر وزنه بـ 5.5 طن، ووجوده في الصحراء الغربية يدل على إنه كانت هناك حياة على هذه الأرض منذ ملايين السنوات نتيجة وجود محيط قبل البحر المتوسط.
وصفت سارة ظروف استخراج الديناصور لـ"مصر الناس"، قائلة: "إن استخراج الهيكل استغرق 21 يومًا من العمل الشاق في تلك المنطقة المنعزلة الخطرة في قلب الصحراء، أول شيء نصبنا الخيام للاحتماء بها من صقيع ليالي الشتاء، ثم بدأنا العمل بتغطية قطع العظام بالجبس للحفاظ علي سلامتها في أثناء عملية الاستخراج".
يسمى ذلك الاكتشاف بـ"منصوراصورس" نسبة إلى جامعة المنصورة الذي ينتمي لها فريق البحث يحمل رقم "MUVP-200"، الأحرف "MUVP" اختصار لاسم مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية.
أضافت سارة: "رغم الإرهاق كنا سعداء بهذا الاكتشاف وكل شخص في الفريق يعلم جيدًا قيمته، فقد قادنا القدر إليه لذلك كنا نعمل لساعات طويلة، وكنا على تواصل مع بعض الباحثين الأجانب لنستفيد من خبراتهم".
وجبة غداء خلال استخراج الديناصور
" منصوراصورس" ليس أول ديناصور يتم اكتشافه في مصر، فهو السادس لكن يحتل أهمية كبيرة لسببين، أولهما علمي لأنه يعود لفصيلة الديناصورات الموجودة في أوروبا، ولم يكتشف مثله من قبل في القارة السمراء ويرى العلماء أن ذلك يدل على وجود طريق ما كان يفصل بين أوروبا إفريقيا، والآخر أنه أول ديناصور يُكتشف على يد فريق مصري بالكامل، ومعظمه من النساء.
أدوات استخراج الديناصور