الأنف الملون الكبير، والطلاء الأحمر الذي يرسم الضحكة بين الأذنين، وقُبعة تعلو الرأس، مظهر لا يخلو من بعض الحركات الغريبة، فتنجرف نحو الضحك أمامها، هذا نصف علاج كما وصفه الشاب أدهم إبراهيم، الذي يشارك به لتخفيف آلام المرضى داخل مستشفيات الأطفال بمصر.
"بسبب ارتباطه وحبه للأطفال قرر يصبح مهرج متطوع، رغم عمله في الموارد البشرية، فمهنته بعد سنوات بائع للسعادة"، هكذا فسّر الشاب العشريني لـ"مصر الناس" قيامه على هذا العمل.
قال: "ارتبطت مواقف الخير والإحسان التي كان يقوم بها والدي، الذي كان يعمل بالتدريس، ويعطي دروسًا للتلاميذ غير المقتدرين دون مقابل، في ذاكرتي طيلة فترة شبابي، والتي وجهتني إلى العمل التطوعي".
وتابع: "قررت التطوع في مستشفى سرطان الأطفال منذ 10 سنوات، حينها كانت مهمة المتطوعين هي جمع التبرعات المادية فقط، وكنت أرى أن إسعاد المرضى بشكل مباشر والتخفيف عنهم هو الأهم"، في وصفه "كنا بندي الحاجة دي من قلبنا".
أدهم إبراهيم يضفي البهجة لأطفال مستشفى 57357
في البداية كان يرتدي "الطقية" و"الببيون"، وبسبب خوف الأطفال من هيئة الطبيب بدأ ارتداء "بالطو" أبيض اللون مع بعض القطع المضحكة التي تجعلهم يألفونه.
أسسَ أدهم فريق للتعامل مع أصحاب الحالات الحرجة بمساعدة أربعة أفراد آخرين، وفريق آخر في مستشفى أبو الريش للأطفال، مستطردًا: "كنت بحس بتطور في العلاج، لأن الموضوع بتوقف على 50% حالة نفسية، و50% علاج".
وحكى عن إحدى القوافل الطبية التي تجوب المحافظات، وهي "عملية الابتسامة تعمل على عمليات الشفة الأرنبية للأطفال"، التي قطع فيها 15 ساعة من السفر متجهًا إلى أسوان، قائلًا: "فور وصولي ذهبت إلى المستشفى بدلت ملابسي وتقمصت شخصية المهرج وبدأت اللعب مع الأطفال لمدة 8 ساعات أخرى متواصلة لم أشعر خلالها بأي تعب أو إرهاق.
دائمًا يبحث أدهم عن حسنة على حد قوله، فيحمل أكياس من الحلويات والبالونات يقوم بتوزيعها للمارين بالشارع، وفي الأعياد يقوم بتصميم مشغولات ومجسمات يدوية ويعطيها لزملائه في العمل، ومؤخرًا يذهب لحضور ورش وحفلات بمستشفى العباسية قسم التأهيل، معلقًا بحس فكاهي: "ده أنا خاطب اثنين في المستشفى زوزو وماجدة".
أدهم إبراهيم يحقق أمنية سيدة مريضة، بالرقص معها بمستشفى العباسية
لم يكن اختياره لهذا الشكل من التطوع بالسهل، فهناك من يرى هذا جنونًا، وتقليل من النفس، وآخر مؤيد للفكرة، فالبعض قام بشراء ملابس تنكرية مثل "سبايدر مان" وطلبوا الذهاب معه إلى مستشفيات الأطفال.
ويؤكد أدهم على استمراره في هذا العمل الذي يضفي البهجة على الأرواح التي في أشد الحاجة للابتسامة، قائلًا: "هفضل كدا لحد ما أموت لأن الموضوع بيغذي الروح وبيخرج الطاقة السلبية من جوايا".
ويحلم أدهم بالعمل في منظمة الأمم المتحدة لمساعدة الفقراء في كل مكان بالعالم لأنه يرى مساعدة الآخرين هو العمل الوحيد الذي لا يمل منه.