كتبت - "دولت البسيوني، نورهان دسوقي، ياسمين ياسر" (إنتاج ورشة تدريبية)
بإبتسامة خفيفة تكسو وجهها، تقف الفتاة الثلاثينية ياسمين رحيم، في مساحة صغيرة على عربتها الكائنة بإحدى شوارع مصر الجديدة إحدى ضواحي القاهرة، لتصنع بأصابعها الأنثوية قطع "البرجر" التي كانت سببًا في انتشالها من طائلة الاكتئاب.
جاءتها الفكرة منذ 9 أشهر بعدما شاهدت عن طريق الصدفة، إعلان بعض الشباب لبيع عربتهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك " فبدأت رحلة حلمها الجديد "برجر ستيشن"، بعد أن عملت فترة قصيرة في مجالها إدارة الأعمال، ومن ثم اتجهت للإعلانات فهى صاحبة الإفيه الشهير "أنت فاكرنا هنزعل يا أمور ده احنا هنعمل لولولولي فرح" مما فتح المجال أمامها للتمثيل فى أدوار صغيرة فى بعض الأعمال الفنية منها : طير أنت، ومسلسليكو، وجيم أوفر، ورامي الإعتصامي.
.. "العمل فى الميديا يتطلب الاستمرارية لكن لم يحالفني الحظ فى التمثيل، فما كان أمامي سوي الاستسلام لمدة عامين بين الملل والاكتئاب". قالت ياسمين هذه الكلمات موضحة أنها لا تريد الكلام كثيرًا عن هذه المرحلة في حياتها.
ياسمن رحيم وهى تؤدى دور ممرضة فى فوازير "مسلسليكو" مع الفنان محمد هنيدى
"كنت مبعرفش أطبخ وبعمل البرجر محروق والناس كانت بتاكله عشان تشجعني" .. قالتها ياسمين بحماس لـ "مصر الناس"، لكن كثيرًا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فبعد احترافها المهنة، وبينما هي تقوم بعملها المعتاد، إذا برجال البلدية يداهمون عربتها ويقلبونها بعنف لعدم حصولها على ترخيص يسمح لها بالوقوف بعربة "البرجر" في الشارع.
وقفت ياسمين تنظر بذهول لمجهودها وهو يضيع بلحظات ولم تملك وقتها سوى "الصراخ" للتعبير عن غضبها.
وسرعان ما خطر ببالها تصوير مقطع فيديو لما تتعرض له، فقامت بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي مما أثارغضب الشباب وتدوالته وسائل الإعلام، حتى وصل إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي تحدث عنها بفعاليات مؤتمر الشباب المنعقد في إبريل الماضي بالإسماعيلية، ووجه المسؤولين لحل مشكلتها وإنشاء "شارع مصر"، في فترة قصيرة ليضمها هى وزملائها أصحاب العربات المتنقلة، في مسعى لتشجيع الشباب على إيجاد فرص عمل مبتكرة.
وعادت "فتاة البرجر" كما لقبها شباب "السوشال ميديا " للوقوف مرة أخرى ولكن بشارع مصر حيث تجد الأمن يجلس على البوابة مرحبا بك من الخامسة عصرًا وحتى منتصف الليل.
ولا يقتصر "شارع مصر" على عربات بيع المأكولات فقط التي يصل عددها إلى 14 عربة، حيث يجد المتجول داخله أيضًا جانبيه أماكن مخصصة لبيع المشغولات اليدوية ومسرح كبير يتوسطه لعرض الأعمال الفنية. وعربات المأكولات تتراص إلى جوار بعضها البعض بألوانها المبهجة بجانب بعضها، لكن لكل منها نكهتها الخاصة وفقا لما تقدمه من مأكولات، بينما تحيط بها مقاعد مخصصة لجلوس الزبائن الذين تتباين أعمارهم بين أطفال وشباب وحتى مسنين، يجدون في هذا الشارع متنفسًا لهم.
مدخل شارع مصر .. تصوير (دولت البسيونى)
وتتحدث ياسمين عن قيمة الإيجار الذي تسدده شهريًا وهى تأخذ الطلبات بخفة ورشاقة موضحة، أن القيمة التي تسددها شهريًا 1450 جنية للمساحة المحددة التي تقدر بـ 2 متر شاملة رسوم النظافة والكهرباء، واستكملت : "كنت خايفة المشروع يفشل لكن الحمد لله دلوقتي بكسب كويس ويمكن أكتر من وقوفي قبل ما الشارع يتعمل وبدفع الإيجار بطريقة ميسرة".
وبينما فريق "مصر الناس" يتأمل وجوه رواد العربة الذين يتهافتون لشراء سندويش "البرجر" الذي تصنعه ياسمين، وجدنا رجل سبعيني يجلس بمفرده أمام عربتها منتظرًا "البرجر" الذي عشق تناوله بعدما تذوقهمن عندها ، "أنا باجي من العبور ودي المرة الرابعة ليا لكن بجيب الصوص المفضل بتاعي معاية" قالها بحماس شاب في العشرين، مشيدًا بطعمه المختلف عن أى مطعم آخر.
إقبال الناس على "فتاة البرجر" .. تصوير (دولت البسيونى)
ومن رأس مال بدأته بمبلغ 6 آلاف وصل إلى 40 ألف جنيه، من خلال نجاح مشروعها قامت ياسمين بتغيير العربة إلى أخرى أكبر حجمًا، على الرغم من سعر ساندويتش "البرجر" الذي يتراوح بين 25 إلى 30 جنيه. وأتاحت عربة "البرجر" التي أسستها ياسمين فرصة عمل لفاطمة بنت الـ20 عامًا.
بعينين تملؤهما التفاؤل تنهي حديثها لـ "مصر الناس" قائلة : "نفسي يتحول "برجرستيشن" علامة تجارية عالمية وبنصح الشباب بإنهم يتحدوا اليأس وميستسلموش للظروف علشان يوصلوا".