عندما تطأ قدماك أرض محافظة أسوان، لا تفوت فرصة زيارة مسجد الطابية، ذلك المسجد الذي توثق جدرانه تاريخ الدولة المصرية في بداية العصر الحديث.
مسجد الطابية تم تشييده على قمة عالية حيث يقع بين شمال وجنوب المدينة وسُميت المنطقة المحيطة به بنفس الاسم.
ويُعتبر مسجد الطابية بمثابة فنار المحافظة، بدأ العمل به في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وافتُتح في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، حيث يشهد جميع الاحتفالات الدينية خاصة صلاة عيدي الفطر والأضحى المبارك.
ويعد المسجد من المزارات السياحية بأسون فهو تحفة معمارية مصممة على الطراز المملوكي، تبلغ مساحته 700 متر وتزينه الزخارف الاسلامية ذات ألوان مبهجة من الداخل والخارج وله مئذنتان عاليتان.
وبالنسبة لأعمدة المسجد فيبلغ عددها 24 عامودًا دائريًا و8 دعامات ترتكز عليها عقود تشبه حدوة الفرس مطعمة بالأرابيسك وتحيط بالمسجد حديقة تجمع أفضل وأندر أنواع الزهور.
ولكن إذا رجعنا إلى الوراء لأكثر من قرن، سنجد أن هذا المكان كان عبارة عن طابية أمر محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة بإنشاء مدرسة حربية عليها في 8 أغسطس سنة 1821 لتكون مقرًا لأول كلية حربية تستهدف تعليم فنون القتال وبناء قوام الجيش المصري.
وكان محمد على، يضطلع للتخلص من الجنود المرتزقة وبناء البذرة الأولى لجيش مصر الحديث، فكان الحل من وجهة نظره هو تدريب جيل مصري جديد داخل هذه المدرسة التي امتدت دراسة البرنامج الواحد فيها لثلاث أعوام.
يُذكر أن إبراهيم باشا ابن محمد علي، كان قد انضم إلى صفوف طلاب الكلية الحربية، الذين وجه محمد على رسالة لهم في محرم سنة 1238 هـ (29 سبتمبر 1822)، قائلًا: "إليكم يا مفاخر الأماثل والأقران بكباشية جنودنا الجاهدية المقيمين في أسوان وضباطهم من رتبة الصاغ قول اغاسى واليوزباشى والملازمين وحاملي الاعلام والضباط الآخرين نبلغكم ان سلك الجهادية الشريف هو أعز المسالك وأكرمها من الوجهتين الدينية والشعبية".
كانت تتكون المدرسة من جيش المشاة وعددهم 96999 جندي بينما بلغ عدد الفرسان 11684 جندي فيما كانت قوة فرقة المدفعية يقودها 11600 جندي.
بعد فترة طويلة انتقلت المدرسة إلى محافظة قنا، ثم محافظة أسيوط، ثم تحول مقرها إلى القاهرة، ومع مرور الزمن اندثرت آثار المدرسة الحربية في أسوان، وبدأ الزحف العمراني من حول منطقة الطابية، الأمر الذي قرر معه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إنشاء مسجد بدر "الطابية" في مكان المدرسة الحربية؛ لتخليد ذكراها إلى أن افتتحه الرئيس الراحل محمد أنور السادات.