نشأت في مجتمع يرى عدم صلاحية المرأة للقيادة، لكنها ترتبت في كنف أب مثقف يدعمهاوأم تتطلع لرؤية أبنائها يتقلدون مناصب مهمة.
فكانت حكمت أبو زيد.. أول امرأة تعتلي كرسي الوزارة في مصر حيث تولت حقيبة الشؤون الاجتماعية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي لقبها بقلب الثورة الرحيم.
ولادة مناضلة
في عام 1922م شهدت قرية «الشيخ داود» التابعة للوحدة المحلية، بصنبو مركز القوصية بأسيوط مولدها، ولدت لأب يعمل ناظرًا في السكة الحديد ويملك من الثقافة والوعي ما جعله يكافح لأن تصل ابنته لأعلى درجات التعليم رغم كل المعوقات في المجتمع حين ذاك
فلكي تتلقى تعليمها الابتدائي والإعدادي وفر لها إمكانية السفر يوميًا من قريتها لبندر ديروط وساعده في ذلك عمله بالسكة الحديد، ثم هبطت القاهرة لتلتحق بالتعليم الثانوي بمدرسة حلوان الثانوية، وخلال دراستها الثانوية تزعمت ثورة الطالبات داخل المدرسة ضد الإنجليز ففصلت من المدرسة، واستكملت تعليمها بمدرسة الأميرة فايزة بالإسكندرية.
وفي 1940م التحقت بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول جامعة القاهرة، وكان عميد الكلية وقتها الدكتور طه حسين، الذي تنبأ لها بمكانة رفيعة في المستقبل ثم حصلت على دبلوم التربية العالي من وزارة التعليم بالقاهرة فى 1944م ثم على الماجستير من جامعة سانت آندروز بأسكتلندا فى 1950م ثم على الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن بإنجلترا في 1955م، وبعد عودتها عينت بكلية البنات بجامعة عين شمس.
بالإضافة لنضالها منذ صغرها ضد الإنجليز، انضمت حكمت لفرق المقاومة الشعبية حتى نشبت حرب 1956م، فبدأت تتدرب عسكريًا مع الطالبات، وسافرت إلى بورسعيد مع سيزا نبراوي وإنجي أفلاطون، وفي عام 1962م اختيرت عضوًا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومى، وخاضت مناقشات حول الميثاق مع الرئيس عبد الناصر فأثارت إعجابه، ما دفعه لإصدار قرارًا جمهوريًا بتعيينها وزيرة للدولة للشؤون الاجتماعية.
إنجازاتها للمرأة الريفية..
في عهدها جعلت الوزارة وزارة مجتمع وأسرة، ومدت نشاطها لجميع القري والنجوع بالجمهورية بإنشاء فروع للوزارة، ولأنها ابنه الريف كانت من أبرز مشروعاتها مشروع الأسر المنتجة ومشروع الرائدات الريفيات ومشروع النهوض بالمرأة الريفية، كما حصرت الجمعيات الأهلية وتوسعت أنشطتها وخدماتها التنموية، وفي 1964م ساهمت في وضع أول قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية.
ولأنها تملك الحس الوطني منذ طفولتها، استعان بها الرئيس عبد الناصر حين وقعت هزيمة 1967م للاهتمام بالرعاية الاجتماعية لأسر الجنود الموجودين على الجبهة المصرية وحققت نجاحاً منقطع النظير وفي 1969م، كما قامت بالإشراف على مشروع تهجير أهالي النوبة بعد تعرضها للغرق عدة مرات، وحرصت على نقل النسيج والبنيان النوبي كما كان قبل الغرق وتفاعلت إنسانياً مع أهالي النوبة مما جعل عبد الناصر يطلق عليها لقب «قلب الثورة الرحيم».
أزمتها مع «السادات»..
كغيرها من المصريين عارضت قرار الرئيس الراحل محمد أنور السادات لمبادرة السلام مع إسرائيل، ما جعلها تتلقي أبشع الاتهامات حيث وُصفت بالخيانة، ما اضطرها لمغادرة البلاد لمده 20 عامًا.
نهاية مشرفة..
وجه الزعيم الليبي معمر القذافي، دعوة لها لزيرة بلاده، فأقام لها وزوجها احتفالًا تاريخيًا، منحت خلاله أنواط الفاتح العظيم من الدرجة الأولي وهو النوط الذي لا يمُنح إلا لرؤساء الدول، كما وجه لها دعوة أخرى من ملك المغرب الملك الحسن لحضور احتفالًا كبيرًا مُنحت فيه السيف الذهبي من الذهب الخالص.
وعند عودتها إلى مصر في 2 مارس عام 1992، فُتحت لها صالة كبار الزوار بمطار القاهرة، وكان أول ما قامت به هو التوجه إلى ضريح الزعيم جمال عبد الناصر.
تاريخ مشرف جعل منها اسم ومكانة عالية لتنتهي هذه المسيرة في عام 2011م، عن عمر ناهز 89 عامًا بعد معاناة لفترة طويلة مع المرض نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية.