كتبت-خلود حسني
كان لديه إسهامات فكرية عديدة حول التغيرات الاجتماعية والثقافية في مصر، خاض مغامرات كثيرة في عالم السياسة والثقافة والأدب، كما كان مدافعًا قويًا عن البسطاء والفقراء، هكذا عُرف عن الكاتب المصري والخبير الاقتصادي جلال أمين، الذي رحل عن عالمنا يوم الثلاثاء 25 سبتمبر، عن عمر ناهز الـ83 عامًا، بعد صراع مع المرض.
كان الراحل جلال أمين مهمومًا بقضايا العدالة الاجتماعية والاستقلال الاقتصادي، الذي لا يقل أهمية في رأيه عن الاستقلال السياسي، فقدم العديد من المؤلفات، منها في 2008 "ماذا حدث للمصريين؟ تطور المجتمع المصري في نصف قرن"، أحد أهم أعماله، قدم فيه قراءة للحَراك الاجتماعي الذي حدث في مصر خلال الفترة من 1945 إلى 1995، وتتبع ذلك من خلال عدة نماذج لهذا الحراك.
وبين البساطة والوضوح من ناحية وعمق الفكرة من ناحية أخرى قدم أمين تصويرًا بارعًا لما آل إليه المجتمع فى نهاية القرن العشرين، في الاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام، والعلاقات الاجتماعية، بما في ذلك العلاقة بين الطبقات، في كتابه "وصف مصر في نهاية القرن العشرين"، الصادر عام 2005.
"ماذا بعد عولمة القهر؟" سؤال اختتم به أمين كتابه "عولمة القهر"، الذي يتناول ما أسفرت عنه أحداث سبتمبر من زيادة حدة القهر ولاسيما للعرب والمسلمين عامةً.
كما تحدث الخبير الاقتصادي في كتابه "عصر الجماهير الغفيرة" عن تطور المجتمع المصري خلال الخمسين سنة الأخيرة في مجالات: الصحافة، الاقتصاد، الثقافة، التليفزيون، السوبر ماركت والسياحة، الأزياء والحب، والعلاقة بين الدين والدنيا.
ويثير أمين في كتابه "خرافة التقدم والتأخر" شكوكًا كثيرة في صحة الاعتقاد بفكرة التقدم والتخلف، وفيما إذا كان من الجائز وصف دول أو أمم بأنها متقدمة، وأخرى بأنها متخلفة أو متأخرة.
وحلل وانتقد أمين الأوضاع السياسية والاجتماعية لمصر والمصريين في عهد الرئيس مبارك، من خلال كتابه "مصر والمصريون في عهد مبارك "1981 إلى 2008"، والذي صدر عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك.
ومن التحليل والنقد يتنقل إلى السرد، إذ روى لنا أمين في كتابيه "ماذا علمتني الحياة: سيرة ذاتية"، ورحيق العمر" عن ذكرياته في منزل والده، أحمد أمين إبراهيم الطباخ، وشقيقه حسين، والتنقل ما بين مدرسته النموذجية، وجامعات أوروبا مرة كطالب، وأخريات كمحاضر في الاقتصاد، فيما يزيد عن 600 صفحة.
وفي "كشف الأقنعة عن نظريات التنمية الاقتصادية" تتبع الخبير الاقتصادي التغيرات العريضة التي طرأت على الفكر الاقتصادي في موضوع التنمية والتخلف عبر القرون الخمسة الماضية، أي منذ نشأة الفكر مستقلا عن غيره من فروع الدراسات الاجتماعية وحتى الآن.
وفي كتابه "فلسفة علم الاقتصاد" يرصد جلال أمين تحيزات الاقتصاديين لبعض الأسس غير العلمية، وفي إصدار آخر عنوانه "العرب ونكبة الكويت" يرصد مأساة غزو الدولة الخليجية، وما تلاها من قتال. ويشرح المفكر الاقتصادي في كتابه "العولمة" مخاطر هذه الظاهرة، وتهديدها لسعادة الإنسان ورفاهيته وشعوره بالاستقرار والطمأنينة.
ولد جلال أمين عام 1935 بالقاهرة، وهو ابن المفكر أحمد أمين، صاحب كتابي فجر الإسلام وضحى الإسلام، وقد تخرج جلال أمين في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1955، وحصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، وعُين أستاذًا للاقتصاد بحقوق عين شمس عام 1965، ثم أستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية عام 1979 حتى رحيله. كما عمل مستشارًا اقتصاديًا للصندوق الكويتي للتنمية من 1974 حتى 1978، وعمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا من 1978 حتى 1979.
وحصل أمين في 2013 على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، ومنحه الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وسام الاستحقاق في العلوم والفنون، كما فاز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب عام 2017، وجائزة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، التي تُمنح للأعمال المتميزة والمساهمات الغنية في الأدب العربي عام 2010.
وكان أمين عضوًا في الجمعية الاقتصادية المصرية، والجمعية المصرية لحقوق الإنسان، والجمعية العربية لحقوق الإنسان، فضلًا عن عضويته في مجلس إدارة الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية.